کد مطلب:168105 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:159

وقایع لیلة عاشوراء
یروی الطبری، عن أبی مخنف، عن الحارث بن حصیرة، عن عبداللّه بن


شریك العامری، عن الامام السجّاد(ع) قال: (جمع الحسین أصحابه بعدما رجع عمر بن سعد، وذلك عند قرب المساء، فدنوت منه لاسمع وأنا مریض، فسمعتُ أبی وهویقول لاصحابه: أُثنی علی اللّه تبارك وتعالی أحسن الثناء،وأحمده علی السرّاء والضرّاء، أللّهمّ إنّی أحمدك علی أن أكرمتنا بالنبوّة، وعلّمتنا القرآن، وفقّهتنا فی الدین، وجعلت لنا أسماعاً وأبصاراً وأفئدة، ولم تجعلنا من المشركین.

أمّا بعدُ، فإنّی لاأعلم أصحاباً أوفی ولاخیراً من أصحابی!ولاأهل بیتٍ أبرَّ ولاأوصل من أهل بیتی! فجزاكم اللّه عنّی جمیعاً خیراً، ألا وإنّی أظنّ یومنا من هؤلاء الاعداء غداً، ألا وإنّی قد أذنت لكم! فانطلقوا جمیعاً فی حلّ، لیس علیكم منّی ذمام! هذا اللیل غشیكم فاتخذوه جَملاً!). [1] .


وفی روایة بعدها للطبری أیضاً أنه (ع) قال: (هذا اللیل قد غشیكم فاتخذوه جملاً، ثمّ لیأخذ كلُّ رجل منكم بید رجل من أهل بیتی، ثمّ تفرّقوا فی سوادكم ومدائنكم حتّی یفرّج اللّه، فإنّ القوم إنّما یطلبوننی، ولو قد أصابونی لهواعن طلب غیری.

فقال له إخوته، وأبناؤه، وبنوأخیه، وإبنا عبداللّه بن جعفر:لِمَ نفعل!؟ لنبقی بعدك!؟ لاأرانا اللّه ذلك أبداً!

بدأهم بهذا القول العبّأس بن علیّ، ثمّ إنّهم تكلّموا بهذا ونحوه!

فقال الحسین (ع): یا بنی عقیل! حسبكم من القتل بمسلم، إذهبوا قد أذنت لكم!

قالوا: فما یقول النّاس!؟ یقولون إنّا تركنا شیخنا وسیّدنا وبنی عمومتنا خیر الاعمام، ولم نرمِ معهم بسهم، ولم نطعن معهم برمح،ولم نضرب معهم بسیف! ولاندری ماصنعوا!؟ لاواللّه لانفعل، ولكن تفدیك أنفسنا وأموالنا وأهلونا، ونقاتل معك حتّی نرد موردك! فقبّح اللّه العیش بعدك!). [2] .


(قال فقام إلیه مسلم بن عوسجة الاسدیّ فقال: أنحنُ نخلّی عنك ولمّا نعذر إلی اللّه فی أداء حقّك!؟ أما واللّه حتّی أكسر فی صدورهم رمحی! وأضربهم بسیفی ما ثبت قائمه فی یدی! ولا أفارقك! ولو لم یكن معی سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة دونك حتّی أموت معك!

وقال سعد بن عبداللّه الحنفی: [3] واللّه لانخلّیك حتّی یعلم اللّه أنّا قد حفظنا غیبة رسول اللّه (ع) فیك، واللّه لو علمت أنّی أقتل ثم أحیا ثمّ أُحرق حیّاً ثمّ أُذَرُّ،یفعل ذلك بی سبعین مرّة، ما فارقتك حتّی ألقی حِمامی دونك! فكیف لا أفعل ذلك وإنما هی قتلة واحدة ثمَّ هی الكرامة التی لا انقضاء لها أبداً!؟

وقال زهیر بن القین: واللّه لوددت أنّی قُتلتُ ثمّ نُشرتُ ثمّ قُتلتُ حتّی أُقتل كذا ألف قتلة وأنّ اللّه یدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتیة من أهل بیتك!

قال وتكلّم جماعة بكلام یشبه بعضه بعضاً فی وجه واحد فقالوا:واللّه لانفارقك ولكن أنفسنا لك الفداء! نقیك بنحورنا وجباهنا وأیدینا! فإذا نحنُ قُتلنا كنّا وفینا وقضینا ما علینا!). [4] .

وفی مقتل الحسین (ع) للخوارزمی: (ثُمّ تكلّم بُریر بن خضیرالهمدانی، وكان من الزهّاد الذین یصومون النهار ویقومون اللیل، فقال: یا ابن رسول اللّه!


إئذن لی أن آتی هذا الفاسق عمر بن سعد فأعظه لعلّه یتّعظ ویرتدع عمّا هو علیه!

فقال الحسین: ذاك إلیك یا بُریر.

فذهب إلیه حتّی دخل علی خیمته، فجلس ولم یسلّم! فغضب عمروقال: یا أخا همدان ما منع من السلام علیَّ!؟ ألستُ مسلماً أعرف اللّه ورسوله! وأشهد بشهادة الحقّ!؟

فقال له بریر: لو كنت عرفت اللّه ورسوله كما تقول لما خرجت إلی عترة رسول اللّه ترید قتلهم! وبعدُ فهذا الفرات یلوح بصفائه، ویلج كأنّه بطون الحیّات، تشرب منه كلاب السواد وخنازیرها، وهذا الحسین بن علیّ وإخوته ونساؤه وأهل بیته یموتون عطشاً! وقد حِلْتَ بینهم وبین ماء الفرات أن یشربوه! وتزعم أنّك تعرف اللّه ورسوله!؟

فأطرق عمر بن سعد ساعة إلی الارض، ثمّ رفع رأسه وقال: واللّه یا بُریر إنّی لاعلم یقیناً أنَّ كُلَّ من قاتلهم وغصبهم حقّهم هو فی النار لامحالة، ولكن یا بُریر! أفتشیر علیَّ أن أترك ولایة الریّ فتكون لغیری!؟ فواللّه ما أجد نفسی تجیبنی لذلك، ثمّ قال:



دعانی عبیداللّه من دون قومه

إلی خطّة فیها خرجتُ لِحَینی



فواللّه ما أدری وإنّی لحائر

أفكّر فی أمری علی خطرینِ



أأترك مُلك الریّ والریّ منیتی

أم ارجع مأثوماً بقتل حسینِ؟



وفی قتله النّار التی لیس دونها

حجابٌ، ومُلك الریّ قرّة عینیِ [5] .


فرجع بریر إلی الحسین وقال: یا ابن رسول اللّه! إنّ عمر بن سعد قد رضی لقتلك بملك الریّ!). [6] .


[1] تاريخ الطبري، 4:317 والارشاد: 258والكامل في التاريخ، 3:285 وفي أنساب الاشراف، 3:393:(وعرض الحسين علي أهله ومن معه أن يتفرّقوا ويجعلواالليل جملا، وقال: إنّما يطلبونني وقد وجدوني، وما كانت كُتب من كَتب إليَّ فيما أظنّ إلاّ مكيدة لي وتقرّباً إلي ابن معاوية بي...)،ولايخفي علي المتأمّل أنّ العبارة الاخيرة لو كانت قد صدرت عن الامام (ع) حقّاً، فإنّ مراده بها المنافقون أمثال حجّار بن أبجر، وشبث بن ربعي، وعزرة بن قيس، وأمثالهم،ذلك لانّ هناك من قد كتب إليه صادقاً مخلصاً، ومن هؤلاء جملة من أنصاره، أمّا أكثر من كتب إليه من أهل الكوفة فإنّ قلوبهم كانت مع الامام (ع)، لكنّ الوهن والشلل النفسي استحوذ عليهم حتّي صارت سيوفهم عليه!

ونقلها الخوارزمي في المقتل، 1:349-350 عن الفتوح لابن أعثم،5:169-170، وفيه: (وجمع الحسين (ع) أصحابه بين يديه،ثمّ حمد اللّه وأثني عليه وقال: أللّهمّ لك الحمدُ علي ما علّمتنا من القرآن، وفقّهتنا في الدين، وأكرمتنا به من قرابة رسولك محمّد(ص).. أمّا بعد، فإنّي لاأعلم أصحاباً أصلح منكم، ولا أعلم أهل بيت أبرَّ ولا أوصل ولاأفضل من أهل بيتي، فجزاكم اللّه جميعاً عنّي خيراً، إنّ هؤلاء القوم ما يطلبون أحداً غيري، ولو قد أصابوني وقدروا علي قتلي لما طلبوكم أبداً، وهذا الليل قد غشيكم فقوموا واتخذوه جملاً، وليأخذ كلُّ رجل منكم بيد رجل من إخوتي، وتفرّقوا في سواد هذا الليل، وذروني وهؤلاء القوم.). وقد اخترنا متن الخوارزمي علي متن الفتوح نفسه لانه خالٍ من الاضطراب.

[2] تاريخ الطبري، 4:317-318؛ وانظر:الكامل في التاريخ، 3:285 بتفاوت يسير، والارشاد: 258-259بتفاوت يسير، أمّا في أمالي الصدوق: 133، المجلس 30، حديث رقم 1 فقد ورد الخبر هكذا: (.. فقام الحسين (ع) في أصحابه خطيباً فقال: أللّهمّ إني لاأعرف أهل بيت أبرَّ ولا أزكي ولاأطهر من أهل بيتي، ولاأ صحاباً هم خير من أصحابي، وقد نزل بي ماترون، وأنتم في حلّ من بيعتي، ليست لي في أعناقكم بيعة، ولالي عليكم ذمّة، وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً،وتفرّقوا في سواده فإن القوم إنما يطلبوني، ولو ظفروا بي لذهلوا عن طلب غيري!

فقام إليه عبداللّه بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب فقال: يا ابن رسول اللّه! ماذا يقول لنا الناس إنْ نحن خذلنا شيخنا وكبيرنا وسيّدنا، وابن سيّد الاعمام، وابن نبيّنا سيّد الانبياء،لم نضرب معه بسيف ولم نقاتل معه برمح، لاواللّه أو نرد موردك ونجعل أنفسنا دون نفسك، ودماءنا دون دمك، فإذا نحن فعلنا ذلك فقد قضينا ما علينا وخرجنا ممّا لزمنا...).

[3] وفي بعض المصادر: سعيد بدلاً من سعد، وهو المشهور: (راجع:أنساب الاشراف، 3:393).

[4] تاريخ الطبري، 4:317-318 وانظر:الكامل في التاريخ، 3:285، والارشاد: 258-259، وانظر:أمالي الصدوق: 133، المجلس 30، رقم 1؛ وأنساب الاشراف،3393 وانظر: الفتوح، 5: 170-171،ومقتل الحسين (ع) للخوارزمي، 1:250-251.

[5] ونسب إليه لعنه اللّه أيضاً هذه الابيات:



حسين ابن عمّي والحوادث جمّة

لعمري، ولي في الريّ قُرّةُ عينِ



لعلّ إله العرش يغفر زلّتي

ولو كنت فيها أظلم الثقلين



ألا إنّما الدنيا لَبرُّ مُعَجَّلٌ

وما عاقل باع الوجود بديْنِ!



يقولون إنّ اللّه خالق جنّة

ونارٍ وتعذيب وغلّ يدينِ



فإنْ صدقوا فيما يقولون إنني

أتوب إلي الرحمن من سنتينِ



وإنْ كذبوا فُزْنا بريٍّ عظيمة

وملك عظيمٍ دائم الحجلينِ



وإنّي سأختار التي ليس دونها

حجابٌ وتعذيب وغلّ يَدينِ



(راجع: نفس المهموم: 218).

[6] مقتل الحسين (ع) للخوارزمي، 1:351-352 وانظر الفتوح،5: 171-173 وفيه: (يا ابن بنت رسول اللّه! إنّ عمر بن سعد قد رضي أن يقتلك بملك الريّ!)، وانظر: كشف الغمعة، 2: 226، والفصول المهمّة لابن الصبّاغ:202، ومطالب السؤل: 76.